الحماسة فى شعر المتنبي
ومن طلب الفتح الجليل فإنما مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
عرفوا الملحمة (الحماسة) بأنها تطلق على المعركة وهي مأخوذة من التلاحم الذي هو اشتباك بين جيشين متقابلين و اعتمدها العرب للتعبير عن الشعر الذي يقال في وصف المعارك الحربية.
• الحماسة في شعر المتنبي : تاخد مكانها بين الإغراض الشعرية البارزة وينفرد شعره الحماسي بسمته الحربية فيفوق بدلك بقية الشعراء لدلك نعتوه بشاعر الحروب و الملاحم وسميت كذلك قصائده الملحمية "بالسيفيات".وشعر الحماسة يصف الحرب و ما يتخللها من بطولات وما يعقبها من انتصارات وهو مادة غزيرة بالمفاخر و العزة تغدي قلوب الشعب و تنهض بالهمم و تفتح أبواب الآمال الواسعة و تثير القوى العاطفية في الإنسان .
•
• وشعر الحماسة هو نوع من حرب الأعصاب يشنها الشاعر على الأعداء ليرعبهم ويزعجهم وهو أيضا تصوير للبطولات. و للقصيد الحماسي عناصر يتكون منها :
القائد = اذا ما سرت في آثار قوم تخاذلت الجماجم والرقاب
• و القائد هو بطل الإبطال يحيطه المتنبي بهالة من العظمة و تخطر بباله صورة العقاب أو الصقر وهو يهم بالتحليق فيرفع جناحيه الكبيرين فياخد هذا المنظر و يشبه به انطلاق سيف الدولة و سيره نحو المعركة فيقول:
• يهز الجيش حولك جانبيه كما نفضت جناحيها العقاب
• ويقول
• فلا تعجبا إن السيوف كثيرة و لكن سيف الدولة لليوم واحد
الجيش
رمى الدرب بالجرد الحياد إلى العدى و ما علموا أن السهام خيول
العدو:
ويصور إبطاله في وضع المستسلم و أجسامهم مكلومة مجروحة و تظهر عليهم و على كل جيش المغلوب علامات الألم و الذل فيقول :
تمر بك الإبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم
الشاعر الملهم: الذى يصف المعارك بخياله الواسع يجعل المستحيل أمرا واقعا وكأنه حقيقة يقبلها السامع .
ويذكر دوره في المعركة كمحارب بيده سيفه يصارع به الأعداء فيقول:
إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم
إن قصائد المتنبي الحماسية تمتاز بمتانة الوصف وجودة الصنعة حتى قال بعضهم إنها من أجود شعره فبلغ فيها حدا كبيرا من النضج فقد اتخذ لقصائده الحربية لغة قوية ذات إيقاع تعكس قوة المعارك الدائرة التي كان في معظمها شاهدا عليها نقلت صليل السيوف وجلية الخيول و الجيوش المهزومة و نزعها وتصور بالكلمة الغبار الذي تحدثه آلاف الجنود المتلاحمة والمتصادمة وقصيدة معركة الحدث الحمراء خير مثال على دلك وهي التي يصف فيها انتصار سيف الدولة في معركة ضد الروم وصدرها بحكمة بليغة فكان مطلعها قوله :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم و تأتي على قدر الكرام المكارم
ونكاد نجزم انه تأثر في بعض شعره الحماسي الوصفي وفي بعض صوره بالصورة العنترية القائمة على :
-1-تصوير قوة العدو التي لا تقهر
-2-تضخيم المعركة
-3-تفخيم المحارب الذي هو بصدد مدحه لسيف الدولة أو جنوده
-4- سهولة الانتصار في الختام لتحطيم قوة العدو نهائيا
وتنفرد بنية القصيدة الحماسية عند المتنبي أيضا بميزات ثلاث:
-1-الاستقلالية فلا يخالطها غرض آخر يشوشها و تكون الغاية من وصف المعارك التفاخر بقوة العرب أو التلميح لاستنهاض هممهم دفاعا عن العروبة و الإسلام.
-2-تكون ممزوجة بطابع مدحي فيها تمجيد للقائد و على وجه الخصوص سيف الدولة بوصفه حامي الإسلام والمدافع الأوحد عن العروبة فيكون المدح بمثابة تحديد المبادئ للقائد وأهدافه ووسم لخصاله المحمودة (اغلب السيفيات).
-3-الميزة الثالثة كلاسيكية تتبع السير التقليدي للقصيد العربي الذي يستهل بالوقوف على الإطلال ثم النسيب ثم الولوج في المدح ويكون مضمون المدح وصف الحروب التي يخوضها الممدوح كما في قصيدة (معركة مرعش).
فديناك من ربع وان زدنا كربا فانك كنت الشرق للشمس و الغربا