نحن نعلم علم اليقين ان الانسان ولد على الفطرة و انه لا يعرف مثقال ذرة عن الافعال الشريرة,انما الاسرة او المجتمع و طبيعة الظروف التي عاش فيها هي التي تعمل على تشكيل شخصيتة و زرع بذور الخير او الشر في نفسيته.
لكن في المقابل نجد ان لهده الاشرار المتغلغلة في نفسية الانسان لها حدود تتوقف عندها,وهي عندما يجد الانسان المناخ الملائم و المناسب و تزول المسببات نجده يرجع الى اصله الخير و الفطرة التي خلقه الله عليها فتتفجر فيه القيم الانسانية السامية و المبادئ الفاضلة و الخصال الحميدة,فيقبل بقلب مفتوح و صدر مشروح على الاخر بغظ الطرف عن جنسه او لونه او عرقه.
اعتقد ان البيئة التربوية و التنشاة الاجتماعية للانسان من الاسباب الجوهرية التي تعمل على بناء الذهنيات و تشكيل النفسيات و على راسها الاسرة التي غالبا ما تكون على درجات من التشدد في التعامل مع ابنائها,او ان هذه الاسرة تكون محافظة الى حد المبالغة فترفض اي شئ يكون خارجا عن دائرتها و تعتبره غير صالحا او خاطئا دون محاولة التفكير و التمعن فيه ربما قد يكون صالحا او نافعا لها,و اعتقد ان هدا السلوك الابوي قد يكون ناجما هو الاخر عن طبيعة التربية و الظروف الاجتماعية التي عاشوا فيها ,فهم يسقطون قناعاتهم و افكارهم و طبائعهم على ابناءهم ظنا منهم انهم بصدد توجيه ابنائهم الوجهة الصحيحة,و من هنا تتكون بداية التنافرو التباعد و التعصب و الاستبداد و الانانية.....الخ.
كل هذه الصفات من الاسباب الرئيسية التي تحول دون حدوث التقارب التعاون التحاور و التراحم بين الانسان و الانسان لانه لا يشبهه في الجنس,او في اللون,او في الفكر,او لا يخدم مصلحته
الخاصة و قد يتطور هذا التنافر الى حد الكراهية,و قد يتطور الى ابعد من ذلك ليتحول الى صراع و قتال و تدمير للاخر.
لكن في نهاية الامر و بعد و صول الانسان الى ذروة الشر و العدوانية نجده في الكثير من الاحيان يتراجع و يندم على ما قام به بعد ان يقف وقفة تامل و تمعن لما جناه من تلك الافعال,فيعود مهرولا الى اصله الاول و ينغمس في الافعال الخيرية و التفاني في خدمة الاخر دون كلل او ملل,و الكثير من الناس يعودون الى اصلهم الخير بعد ان يصابوا بصدمة عنيفة تهز كيانهم و تزلزل اعماقهم عندها يدركون انهم لا حول و لا قوة لهم و ان الرجوع الى فعل الخير هو السبيل الوحيد الدي يدخل على النفس االبهجة و على الروح السعادة .
اعتقد ان لكل انسان قوة داخلية تجنح به نحو فعل الخير و ما تلك السلوكات العدوانية الا ردود افعال عكسية يلجا اليها الانسان ليحافظ على كينونته و بقائه,و هي في الاصل قد تكون نقطة ضعف داخلية يحاول ان يحجبها عن الاخر ليبدو بمظر القوي المسيطر و الافضل و بمجرد ان يقترب منه الانسان و يحاوره بلطف و هدوء و تواضع قد نكتشف فيه الوجه الانساني الاخر المشبع بمبادئ الخير و الرحمة.